top of page
مختارات من شعر يعقوب عبدالعزيز الرشيد
٢٤ مايو ٢٠١٧

مختارات من شعر يعقوب عبدالعزيز الرشيد اصدار حديث عن مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية للمؤلف الدكتور محمد مصطفى أبو شوارب ويقع الكتاب في 207 صفحة من القطع المتوسط.

الشاعر يعقوب الرشيد شخصية كويتية جمعت بين السياسة والكتابة والتعليم وهو يعد من ابرز الشعراء في الكويت لجودة شعره وغزارته وتنوعه ما بين الشعر والشعر الوطني والقومي وايلائه المرأة والطبيعة بطيورها وحيواناتها ونباتاتها مساحة واسعة من تجربته الشعرية الطويلة.

نشأ في بيت محب للادب والشعر فوالده هو الاديب والمؤرخ الكويتي المعروف الشيخ عبدالعزيز بن احمد الرشيد (1887 – 1938) من رجالات التنوير في الكويت كان من الداعين الى فهم الاسلام الفهم الصحيح ومن دعاة قراءة الصحف وطباعتها وتعليم العلوم العصرية وهو من قام باصدار اول مجلة في الكويت التي تحمل اسم «مجلة الكويت» عام 1928 وهو العام الذي ولد فيه ابنه يعقوب ومن مؤلفاته القيمة كتاب «تاريخ الكويت» الذي اصبح مرجعا مهما في ما يخص شؤون الحياة في الكويت في ذلك الوقت.

تلقى يعقوب الرشيد علومه في الكويت ثم في بيروت وانكلترا وباكستان.. وعمل بالتدريس الى ان التحق بوزارة الخارجية الكويتية عام 1961 واصبح مديرا للمراسم فيها ثم عين سفيرا في الهند والاردن وباكستان وتركيا وزائير.. واعاد اصدار مجلة (الكويت) عام 1951 واصبح مديرا لتحريرها ثم سكرتيرا لتحرير جريدة «الشعب» عام 1958 ورئيسا لتحرير مجلة «الشرطة» عام 1959.

في دواوينه الشعرية الستة «سواقي الحب» و«دروب العمر» و«غنيت في المي» و«رفيف الجراح» و«همسات السبعين» و«الكويت وغدر الجار» نجد شعرا كثيرا معبرا عن مكنونات الشاعر ودواخله وتطلعاته بأساليب شعرية تحبها النفس وترتاح الى قراءتها وسماعها حيث جاءت صوره الفنية في غالبية شعره مستمدة من خلال تجربته الخاصة ومن واقع ارتحاله في الكثير من الافكار الغنية بمظاهر الطبيعة الجميلة الخلابة والمخفزة على كتابة الشعر والتحليق عاليا في فضائه الجميل المستند الى اصالة التراث الشعري العربي وعبقة الاصيل.

بعد ان انهى يعقوب الرشيد دراساته الاكاديمية ببيروت عاد الى بلده الكويت ليشارك في جهود البناء والتأسس مشتغلا في التعليم والصحافة والاعلام منتقلا الى العمل الديبلوماسي مع استقلال الكويت حيث عين مديرا لادارة المراسم بوزارة الخارجية سنة احدى وستين وتسعمائة والف (1961م) ثم عين سفيرا لبلده في عدد من بلدان العالم من اهمها الهند وباكستان والاردن وتركيا وزائير.

لقد تنوعت اسهامات يعقوب عبدالعزيز الرشيد وتعددت اسباب حضوره بين اركان النخبة الفكرة الفاعلة من ابناء وطنه ومجتمعه على نحو لم يكن الشعر معه السبب الوحيد في بروز اسمه على الساحة الثقافية العربية بل يمكننا ان نزعم ان الشعر لم يكن في مقدمة انشغالات الرجل حتى دخل عقده الرابع حين التقى صديقه الصدوق الشاعر العربي الكبير الاستاذ عمر ابوريشة الذي عرف في يعقوب الرشيد موهبة فنية كبيرة فدفعه الى الاحتشاد لكتابة الشعر ووجهه الى اكتشاف طاقاته الابداعية الهائلة.

وعلى الرغم من ظهور اسم يعقوب الرشيد بقوة في المشهد الشعري منذ صدور ديوانه الاول «سواقي الحب» سنة اربع وسبعين وتسعمائة والف للميلاد (1974م) فقد ظلت شهرة هذا الشاعر متصلة بوجوه اخرى شاركت شاعريته في صناعة شهرته وذيوعه طيلة حياته وحتى بعد رحيله ابرزها وجه الديبلوماسي الذي ارتبط به طويلا حتى ان مجلة «الكويت» لما ارادت ان تفرد له ملفا في عدد خاص بمناسبة وفاته تكريما لشخصه وتقديرا لشعره – اصدرته تحت عنوان «الشاعر يعقوب الرشيد.. الديبلوماسي قناص الرومانسية».

والرشيد في ذلك شأنه شأن اقرانه من الشعراء الذين جمعوا بين الشعر والسياسة والديبلوماسية وشغلوا عددا من المناصب العامة وفي مقدمتهم نزار قباني وعمر ابوريشة وغازي القصيبي.

وعلى الرغم من ان يعقوب الرشيد من اولئك الشعراء الذين لا تغويهم التجارب الشكلية فينجرفون وراء صيحاتها وصرعاتها على حساب وجود الرؤية الفنية التي ينحاز لها الرشيد فإنه يتوسل لانجاز رسالته الشعرية بشتى السبل التشكيلية التي عرفتها نصوص الشعر الوجداني في شعرنا العربي الحديث من ميل الى تسريد الفعل الشعري ونزوع وصفي واعتداد ببنية التساؤل واتجاه صريح الى نصاعة العبارة وحرصاً على كثافة الايقاع عبر تقنيات فنية عدة منها تبني بنية التماثل التي يمثل حضورها ملمحا ظاهرا في شعر يعقوب الرشيد خصوصا على مستوى تكرار البنية الذي يمثل الدعامة الاساسية لكثير من قصائده مثل: هاتف الشوق، همس، سمراء دجلة، روض الامل، سأمضي.

ومنها الاتجاه الى انتاج تشكيلات ايقاعية دالة من خلال بنية الشعر المقطعي وهي نسق شعري رومانسي اصيل في كثير من قصائده مثل:

الله، قيثارة الحب، روابي الخير، قطرة طل، أعلام العز.

ومنها بروز الايقاعات الوزنية القادرة على احتواء التجارب الوجدانية في قلقها وتوترها مثل وزني الرمل والخفيف بما في بنيتهما من خلخلة ايقاعية نتيجة تألفهما وكذلك احتواء هذه التجارب في ابداعاتها وحيويتها وبراءتها مثل وزني الكامل والبسيط اللذين يتمتعان بانسيابية ايقاعاتهما نتيجة توالي الاسباب في التفاعل التي يتألفان منها.

نقلا عن جريدة السياسة

bottom of page